السبت، 26 يناير 2013

لابد من الفصل بين التربية والعقاب لاطفالنا لان الفرق كبير جدا

اريد ان اتحدث عن موضوعين هما في الاساس منفصلين ولكن الجميع يربط بينهم وبين بعضهم ربط وثيق وهو موضوع التربية والعقاب ولانهم مهمين جدا في تحديد ان كان طفلك سيكبر وهو سوي او انه سيكبر وهو مريض كان لنا ان نتحدث اولا عن  التربية من أهم الوظائف التي تقع على عاتق الوالدين. فطريقة تربية الطفل تؤثر على شخصيته وعلاقاته ونجاحه في حياته على مدى بعيد. وقد يظن بعض الوالدين أن مفهوم التربية وعقاب الأطفال شيئا واحداً، يكمل كل منهما الآخر. ومن المحتمل أن تكون قد نشأت مثل هذه الأفكار من اعتقاد خاطئ كالذين يقولون لكي اكون أم ناجحة أو أب ناجح عليّ أن اخضع طفلي لمراقبة صارمة، وإن لم يطعني ويصغي الى كلامي لابد أن اعاقبه.
بيد أن مفهوم كلمة "التربية" يحمل في طياته مفهوم الإرشادات وكيفية تعليم الطفل عمل الشيء وتلقينه. والهدف من تربية الطفل هو تطويره لمهارات السيطرة على النفس ذاتياً، وغرس مبادئ الثقة في النفس والشعور بالمسؤولية وأداء واجبه.
والكلمات كالإنسان، تتغير بمرور الزمان وتكتسب معانٍ جديدة لتحمل في طياتها أبعاد اخرى. ومن المحتمل أن الخلط والمزج بين مفهوم التربية والعقاب قد نجم عن الفكرة السائدة قديماً "لا يتعلم الطفل إلا إذا عاقبته".
لقد مضت العصور المظلمة منذ قديم الأزل. والآن، في ظل عصر الاتصال، لدينا فرصة جيدة للتخلص من الأخطاء القديمة التي باتت في عقول بعض الناس صحيحة، ولكنها غير ذلك. واليوم، نعرف أن التربية المناسبة للطفل تساعده على معرفة اخطائه التي يرتكبها، وتركز على انتاجه حلول؛ إذ تمكنه من السيطرة على سلوكياته، وحل مشكلاته بذاته. ولا ريب أن التربية مُعاون هام لتحويل الأنماط السلوكية الصحيحة للتربية الى عادة دائمة لدى الطفل. وباختصار يمكن القول إن التربية هي تنشئة الطفل للسيطرة على انفعالاته وسلوكياته، وتلقينه أساليب التربية والتعليم.
إن التربية المناسبة للطفل تساعده على معرفة اخطائه التي يرتكبها، وتركز على انتاجه حلول جديدة عن طريق السيطرة على سلوكياته وحل مشكلاته بذاته.
عدم اعجاب طفل من سلوكيات وتصرفات شخص أكبر منه سناً واقوي منه جسماً يعامله بطريقة مؤلمة. فالعقاب أسلوب سيطرة على الذات.
ومن ناحية اخرى، نجد بعض الأباء يفرطون في التسامح تجاه سلوكيات أطفالهم، ويأذنون لهم بعمل كل ما يريدونه. الأمر الذي يضر بقدرة الطفل على السيطرة على تصرفاته وسلوكياته. فلو اصبح الطفل غير منظم في سلوكياته فلا يشعر بتاتاً بالثقة في النفس، وإذا لم يتمكن الوالدين من السيطرة على الطفل في سن مبكرة، فحينما يكبر، سيعرفون مدى خطورة ذلك، وحينئذ سيدركون عدم سيطرة طفلهم على الأحداث التي تطرأ عليه. ومع مرور الوقت يتحول هذا الخوف الى غضب.
العقاب
ارجعوا بالذاكرة الآن لمدة دقيقة لتذكر شئ فعلتموه وعوقبتم عليه. ما هو الشعور الذي سيطر عليكم بعد أن عوقبتم؟
أي من هذه الإختيارات بالأسفل يعبر بطريقة صحيحة عن مشاعركم في تلك اللحظة؟
1) أعلم أنني سئ وعديم القيمة, وأعرف أنني ليست جيدًا بالقدر الكاف, عليّ أن أحاول أكثر لإرضاء الناس.
2) سأكون حذرًا وأتحمل المشاق كي لا أضبط مجددًا.
3) أبتلك الطريقة تعاقبونني؟؟ حسنًا.. ربما لن أكرر هذا الفعل مجددًا لكنني سأجعلكم تدفعون الثمن!

يفكر الطفل - عامة - بعد أن يُعاقب بواحدة من تلك الإختيارات، وبناءًا عليها يتخذ القرار بشكل مناسب. لا يتعلم أي شئ عن السلوك الذي عوقب عليه. وعدم تكراره لهذا السلوك يكون نابعًا إما من الخوف أو من احساسه بعدم قيمته. وينتهز الوقت والمكان المناسب ليكرر هذا السلوك أو ليثائر من شيء ما دون أن ترونه.
واثبتت أبحاث عديدة هامة أن عقاب الطفل بالضرب يدفعه للهجوم على الآخرين من أصدقائه وضربهم. كما اكدت أن الأسرة التي تتدخل في تصرفات وسلوكيات طفلها، وتعامله بقسوة واستبداد فتكون سلوكيات طفلها أسوأ مقارنة بالطفل الذي ربته اسرته على الحبّ وغرست لديه قيم إيجابية. لكن الأسرة المستبدة القاسية في تربية طفلها، قد تظن أن عقاب الطفل شيء غير كافٍ، وتمارس مع طفلها عقابات أكثر شدة من. وحصيلة ذلك أنه تزداد لدى الطفل خطورة سلوك رد الفعل الذي تنمو لديه مع الوقت، وتدخل سلوكياته الخاطئة - الثأر لنفسه من الآخرين - في حلقة مفرغة.
لا تنتهي الآثار الضارة للسلوكيات العقابية لدى الأطفال عند هذا الحد فحسب؛ فحين يظن البعض من الناس أن تلك الحلقة المفرغة قد تحسنت، تجد هؤلاء الأولاد عندما يبلغون سن الشباب يعاقبون اسرهم ويضرون انفسهم، ويحاولون أن يثأرون لأنفسهم بتعاطي المخدرات، أو وقوع الفتاة في الخطيئة مع فتى فتحبل منه دون أن يتزوجها، أو هروب الفتى أو الفتاة من منزله. أمّا الأمر المؤلم في هذا الموضوع هو أن الشاب يظن أنه إذا فعل ذلك يثأر لنفسه لكنه بذلك يضر ويؤذي نفسه واسرته في الآن معاً.
إن أطفالنا الصغار الذين نصفهم بأنهم اشقياء تصدر عنهم تصرفات تبدو لنا غريبة وساذجة، لكنها تصدر ببراءة طاهرة، فالطفل يصدر عنه سلوك مثل ضربه للاخر أو عضه، ذلك لأنه لم يعرف كيف يعبر أو يعرب عما بداخله للاخر. وثمة وجه آخر لأسلوب العقاب يمكن تطبيقه في تربية الأطفال.
يتعلق الطفل بوالديه تعلقاً شديداً جداً، فيعتقد الطفل أنه والدته تسعد إذا ما صدر عنه حركات شقاوة، وإذا لم يفعل ذلك لم تهتم به، لأنه إذا عاقبته أمه على شقاوته فيشعر الطفل بسعادة بالغة من ذلك؛ حيث أن بعض الأباء والأمهات يهملون أولادهم ولا ينظرون إليهم حينما يقرؤن كتاب أو يلعبون بألعابهم، ويهتمون بأعمالهم الخاصة بهم. لكن إذا ما بدأ الطفل في الصراخ أو الجري داخل البيت، لا شكّ أن ذلك سيجذب اهتمام الاسرة، ولو فرضنا جدلاً أن اهتمام الوالدين للطفل مثل الخبز، فيفضل الطفل الخبز غير الطازج على أن يتضور جوعاً. وإذا ما فكرنا أننا عاقبناهم فيجب علينا أن لا يغيب عن عقولنا أننا كافئناهم باهتمامنا لهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق